أنجز الباحث فيحان بن بجاد العتيبي كتابًا جديدًا بعنوان “من أسرار الذئب”، يوثق فيه مكانة هذا الحيوان في حياة العرب وثقافتهم، ويستعرض جوانب فريدة من طباعه وسلوكه التي قلّما تناولتها المؤلفات الحديثة.
جاء الكتاب في 133 صفحة، واشتمل على موضوعات متنوعة أبرزها: الذئب في القرآن الكريم والحديث النبوي الشريف، وفي سير السابقين، وشهادته بالرسالة، إضافة إلى مكانته في الأمثال الشعبية وسماته من الذكاء والدهاء وطريقة سيره وهجومه وترصده للفرائس، إلى جانب اعتقادات عرب الجاهلية حوله والفرق بين الذئب والولبة، فضلًا عن قصص ومواقف واقعية رصدها الباحث.
واستهل العتيبي كتابه بذكر الآيات القرآنية التي ورد فيها الذئب، ومنها قوله تعالى: {قَالَ إِنِّي لَيَحْزُنُنِي أَن تَذْهَبُوا بِهِ وَأَخَافُ أَن يَأْكُلَهُ الذِّئْبُ}، موضحًا الأسماء العديدة التي أطلقتها العرب على الذئب مثل: سرحان، أويس، مصاوط، الأمعط، أبا السمح، والريح. كما أشار إلى تقدير العرب له، إذ كانوا يطلقون اسمه على أبنائهم تيمنًا بشجاعته وذكائه، مثل ذياب وذؤيب وذيبان.
وسلط الضوء على تصرفات الذئب الغريبة في سيره وتنقله وهجومه وحذره الدائم، لافتًا إلى صعوبة اكتشاف هذه الطباع لكونه ليس من الحيوانات الأليفة، وأن كثيرًا من معلوماته لا تزال حكرًا على كبار السن من أهل البادية.
وبيّن الباحث تفوق الذئب بذكائه وقدرته على الحيلة والمراوغة والتراجع السريع عند الشعور بالخطر، وكذلك معرفته التامة بأنواع الكلاب، حيث يميز بين القوي والضعيف منها، بل ويعرف سلوكياتها وصفاتها بدقة.
وتطرق الكتاب إلى طريقة سير الذئب التي غالبًا ما تكون عكس اتجاه الرياح لحماية نفسه من كشف رائحته، إضافة إلى حرصه على اتخاذ احتياطات متعددة خلال تنقلاته ليلًا ونهارًا.
كما ناقش أسباب تناقص أعداد الذئاب في المملكة خلال السنوات الأخيرة، مرجعًا ذلك إلى التمدد العمراني، وكثرة الطرق المعبدة، والإنارة بين القرى، وتحويل الجبال لمتنزهات، مؤكدًا وجود مناطق جبلية واسعة ما زالت تشكل ملاذًا آمنًا لها.
يشار إلى أن المكتبة العربية تضم مؤلفات متعددة عن الذئاب منها: “الذئب العربي طباعه وعلاقته بالإنسان” للباحث سعد الشبانات، و*“الذئب في الأدب العربي”* للدكتور فضل العماري، و*“الذئب في العلم والتاريخ”*، إضافة إلى “الذئب في الأدب القديم” للدكتور زكريا النوتي.
واس