يعدّ متحف “الشفاء” في محافظة جدة أول متحف متخصص يوثّق إسهامات العلماء المسلمين في مختلف فروع العلوم الطبية، ويحتوي على أكثر من 1000 قطعة فنية وطبية من مختلف أقطار العالم الإسلامي، تُجسّد تطور الطب والجراحة والصيدلة منذ العصر الذهبي للحضارة الإسلامية وحتى العصر الحديث.
ويفرد المتحف أجنحة خاصة لأربعة من أعلام الطب الإسلامي هم: أبو بكر الرازي، وابن سينا، وأبو القاسم الزهراوي، وابن النفيس، الذين ساهمت اكتشافاتهم ومؤلفاتهم في ترسيخ أسس العلوم الطبية، واعتمدت عليها كبرى الجامعات والمستشفيات العالمية على مدى قرون.
ويضم المتحف نسخًا نادرة من مؤلفات طبية خالدة، منها الطبعة العربية الأولى لكتاب “القانون في الطب” لابن سينا، وطبعة لاتينية من “الجدري والحصبة” للرازي، وطبعة هندية من كتاب “التصريف” للزهراوي، إلى جانب مخطوطات فريدة مثل “إصلاح الأدوية” لحبيش الأعسم من القرن الثالث الهجري، و”حياة النفس” لأبي إسحاق المتطبب، و”الموجز في الطب” لابن النفيس المؤرخ عام 879هـ، ونسخ نادرة من “الحاوي” و”تذكرة داود الأنطاكي”، ومخطوطات مزوّدة برسومات تشريحية لجسم الإنسان.
وينقسم المتحف إلى تسعة أقسام رئيسية تغطي مختلف تخصصات الطب، مثل الطب النبوي، التشريح، العدوى والأوبئة، الترجمة والتأليف، طب العيون، النساء والولادة، الصيدلة، الجراحة، وبراعة التشخيص، مقدّمًا بذلك رحلة معرفية فريدة للزوار حول تطور الممارسات الطبية في الحضارة الإسلامية.
كما يسلط المتحف الضوء على رواد الطب المسلمين المعاصرين الذين أسهموا في تطور الطب الحديث، مع عرض لمخطوطاتهم ومقتنياتهم، في إطار رسالة المتحف التي تهدف إلى إبراز الدور الحضاري للعلماء المسلمين في خدمة الإنسانية.
ويأتي “متحف الشفاء” ضمن منظومة المتاحف في جدة، التي تُعد رافدًا من روافد التنمية الثقافية، وتعزز الهوية الوطنية، وتحفظ التراث المادي وغير المادي، إلى جانب كونها وجهات تعليمية وتفاعلية وترفيهية تستقطب الزوار من مختلف فئات المجتمع.