أعلنت الهيئة الملكية لمحافظة العُلا انطلاق موسم الآثار للعام 2025 – 2026، في خطوة تعكس حضور العُلا المتنامي على الخريطة العالمية وجهةً رائدة في البحث الأثري وحفظ التراث الثقافي، عبر شراكات بين فرق بحثية سعودية وعالمية تعمل في العُلا وخيبر.
ويأتي الموسم ضمن رؤية شاملة تضع العُلا في قلب المشهد العلمي والثقافي، بمشاركة نخبة من المؤسسات البحثية السعودية والدولية، بما يعزز مكانتها منصةً عالمية لاكتشاف تاريخ الجزيرة العربية وإعادة فهمه.
ويشارك في الموسم أكثر من 100 باحث وخبير من أبرز المؤسسات الأكاديمية، منها جامعة الملك سعود، والمركز الوطني الفرنسي للبحث العلمي، وجامعة السوربون، وجامعة غينت، والمعهد الإسباني للتراث الثقافي، وفريق إستيا الإيطالي المتخصص في الحفظ والترميم، إلى جانب فرق سعودية في مجالات الآثار والبيئة والتراث الرقمي، لاستكشاف مواقع تمتد من العصر الحجري الحديث حتى الفترة الإسلامية.
ويتضمن البرنامج مشروعات متنوعة تشمل الحفريات والدراسات الميدانية والتوثيق الرقمي وحلول الحفظ المستدامة، إضافة إلى أبحاث متقدمة في البيئة والمناخ وعلوم الأرض والأنثروبولوجيا.
وتُجرى الأعمال في مواقع أثرية رئيسة أبرزها موقع الحِجر المدرج على قائمة التراث العالمي لليونسكو، حيث تتواصل الحفريات التي كشفت عن تفاصيل جديدة للحياة النبطية والوجود الروماني، إلى جانب مواصلة الأبحاث في مملكتي دادان ولحيان التي أسفرت عن نتائج تحليلية لأكثر من 167 ألف بقايا حيوانية توضح ملامح الحياة اليومية في الواحة.
كما تشمل المشروعات توثيق النقوش والرسوم الصخرية، ودراسة طرق الحج القديمة، واستكشاف الملامح العمرانية لفترة ما بعد الإسلام في واحة خيبر، مع استمرار أعمال الترميم والحفظ باستخدام أحدث التقنيات.
ويستند الموسم إلى اكتشافات مهمة في السنوات الماضية، منها المستطيلات الحجرية التي تعود إلى سبعة آلاف عام، والهياكل الدائرية التي كشفت عن استيطان شبه دائم، إلى جانب اكتشاف بلدة برونزية محاطة بجدار ضخم في خيبر، وأعمال المسح الجوي التي أبرزت أنظمة زراعية وعمرانية معقدة تعود للفترات الإسلامية.
وفي مدينة قرح التاريخية، كشفت الحفريات عن شبكة متكاملة من الأسواق والشوارع والقصور وقنوات المياه، فيما أظهرت الدراسات في البلدة القديمة والواحة الثقافية بالعُلا تطور أنظمة المياه والزراعة وعمق طبقات الاستيطان حتى عصور الممالك القديمة.
ويشمل الموسم برامج تدريبية ميدانية لطلاب الآثار من الجامعات السعودية والدولية باستخدام تقنيات التوثيق ثلاثي الأبعاد والطائرات المسيرة، لبناء جيل جديد من الباحثين السعوديين في مجال التراث.
وأكدت الهيئة الملكية لمحافظة العُلا التزامها بالاستثمار في المعرفة وبناء القدرات الوطنية، ودعم السياحة الثقافية، إلى جانب التخطيط لإقامة معارض دولية ومهرجان الممالك القديمة، وإنشاء معهد بحثي متخصص في دراسات التراث الثقافي.