إبراهيم خفاجي
هناء حجازي
الغناء هو أقرب أنواع الفنون للنفس، نغني حين نفرح، حين نحزن، حين نحب وحتى حين نعمل.
وكما بقية الفنون التي تعتمد على الكلمة تكون الكلمة هي الأساس التي يبنى عليها العمل. لذلك، حين نفقد شاعرا غنائيا بحجم إبراهيم خفاجي، يكون الفقد عظيما ويدفعنا لأن نبحث عن مدى تأثير هذا الشاعر الكبير في الأغنية السعودية.
شاهدت اللقاء الذي أجراه معه الإعلامي المتألق محمد الخميسي في برنامجه المهم والملهم وينك. استمتعت بالمشاهدة إلى درجة شعرت معها بامتنان كبير لهذا البرنامج لأنه لولاه ما استطعت أن أتعرف عن قرب وبشكل حميم على إبراهيم خفاجي. لذلك أدعو الجميع لمشاهدة هذا اللقاء، من خلاله يمكنك أن تعرف كيف يصبح العظيم عظيما، وكل ما سأكتبه هنا هي عبارات ذكرها الشاعر توقفت عندها وأحاول أن أشارككم بعضا منها.
التواضع الكبير والحقيقي الذي استمر طوال البرنامج وهو ينفي عن نفسه أن يكون شاعرا كبيرا وأن يؤكد على أنه كاتب أغنية.
بلهجته المكية الساحرة كان يردد بعض الأغاني التي كتبها، وهي أغاني عاشت وستعيش أمدا طويلا. أغانٍ ربما لم نكن نعرف أنه وراءها، نرددها ونطرب لها، وتجعلنا نجزم أن الكلمة أولا. الكلمة أولا.
أول أغنية كتبها هي يا ناعس الجفن التي غناها محمد عبده، ولأنه يعرف صنعته جيدا، فهو يصف كيف نوَّع في البحور كي يعطي الملحن الأرضية التي يستطيع ان يبدع على اساسها.
الأغنية التي أعشقها والأكثر عذوبة والمليئة بالإحساس المعجز، البسيطة والقريبة والأخاذة هي تصدق ولا أحلف لك….وشوف قلبي على يدي، وهو أغلى ما عندي وتبغى زيادة في حبك، أجيب لك قلب ثاني منين. التي غناها ولحنها طلال مداح، وهي من أكثر الأغاني السعودية التي انشهرت وغناها مطربون عرب آخرون.
غنى له الكثير من المطربين العرب، منهم كارم محمود، محمد قنديل، وديع الصافي، صباح، سميرة توفيق، نزهة يونس وغيرهم. أين تلك الأغاني، أتمنى أن تذيعها القنوات، أن تعرفنا أكثر على مدى انتشار الأغنية السعودية منذ وقت بعيد، كم نجهل ذلك وكم نحن بحاجة إلى التعرف على فننا.
لأنه ملتصق بالموسيقى وكتب الأغاني طوال حياته كان الأقدر على صياغة كلمات النشيد الوطني، لم تكن مهمة سهلة، أنجزها في ستة أشهر. لكنها عبرت بامتياز عن كل ما يميز المملكة، وعن دستورها ومنهجها، كان هو الأقدر ورشحه الشاعر الكبير حسين سرحان لكتابة النشيد الذي يردده السعوديون الآن في كل المحافل.
أجمل ما في اللقاء هو السبب الذي دعاه لكتابة الشعر، بكل بساطة يجيب إنه الحب، حين وقع في الحب وقع في كتابة الشعر.
في اللقاء ذكر أنه لم يتوقف عن كتابة الأغاني، وأنا آمل أن يبحث عنها المطربون والملحنون كي نستمتع بإبداعات هذا العظيم. أرجوكم شاهدوا اللقاء. كم هو ممتع.