يجب أن نرفع علم الوطن، في شوارعنا ومؤسساتنا، ومدارسنا، وجامعاتنا ومنازلنا، رمزاً للوحدة الوطنية وتعبيراً عن حبنا لهذا الوطن وتمسكنا بوحدته وأمنه واستقراره وقيادته، ورفضنا للأفكار السطحية المتخلفة التي يطلقها الفقيه أو غيره والتي تريد أن تقودنا إلى التفكك والصراع الداخلي، والفوضى كما حدث لدول أخرى انقادت لأفكار مراهقة غير متزنة تفتقد إلى النضج وإلى المنطق.
نحن في المملكة نملك الحق في الانتقاد ولدينا مساحة للاختلاف في الرأي ومساحة لطرح مشاريع التغيير والتطوير ولكن مقومات الوطن، ووحدته، ونظامه الأساسي هي قضايا تستحق من ابناء الوطن التمسك بها والاعتزاز بوجودها والدفاع عنها.
وإذا كان كل مجتمع بشري – وهذا هو واقع اليوم – يتعرض للهزات والأخطاء، والمخالفات النظامية، والادارية، فإن هذا لا يبرر هدم البيت كله، بل إصلاحه من الداخل بين أفراد الأسرة الواحدة بما يضمن الحفاظ على تماسك الأسرة ووحدتها واستمرارها لمصلحة كافة أفرادها.
ولنتأمل في مجتمعات توفر لها من المقومات الشيء الكثير لتكون من المجتمعات المزدهرة اجتماعياً واقتصادياً، ولكنها بدلاً من ذلك انتهجت خطاً ثورياً يرتكز الى خطاب انفعالي وفكر غير منطقي، لتتحول في النهاية الى مجتمع يستجدي ويتسول الأمن والاستقرار، ويتراجع عن فكره الثوري، ويرمي بنفسه في أحضان الدول العظمى بشكل مذل ما كان يمكن أن يصل إليه لو أنه استثمر قدراته وإمكاناته في المسار الصحيح.
ولنتأمل في مجتمعات أخرى مزقتها وتمزقها الحروب الأهلية والصراعات السياسية وهي مجتمعات تزعم أنها مجتمعات تمارس الديمقراطية وتقدم الحرية لأبنائها.
هناك فرق كبير بين البناء والهدم وهناك فرق بين النقد، والهجوم المتسلح بالحقد والأطماع الأنانية.
عقود من الزمن، وامكانات بشرية ومادية هائلة، وجهود مضنية، كانت وراء بناء هذا المجتمع، وهذه الدولة، وخلف نموها وتطورها المستمر الذي لا يتوقف، والذي يأتي بصفة تدريجية منطقية.
فهل نسمح لأحد أياً كان ان يهدم هذا الكيان الذي بنيناه بسواعدنا وقلوبنا وعقولنا والتلاحم بين القيادة والشعب؟
أما النقد الموضوعي الذي يناقش الأفكار والمشاريع ويقيّمها ويعمل على تعريضها للمعايير العلمية والمصلحة الوطنية، فهو نقد مطلوب وموجود ومساحته آخذة في الاتساع انطلاقاً من الثقة بأصحاب الفكر النير الذين يتمتعون بالرقابة الذاتية والحرص على مصلحة الوطن وتماسكه وأمنه ووحدته واستقراره. اما اذا كان النقد يتجه للتلاعب بالمشاعر والعواطف، وينحو الى المنحى الشخصي، والفكر السطحي، فإنه نقد مرفوض، يرفضه المجتمع والشعب قبل الحكومة، لإدراك الشعب والحكومة معاً أن خلف هذا النقد دعوة للفوضى والتنافر والاخلال بوحدة الوطن.
نعم يجب أن نرفع علم الوطن في كل مكان وكل وقت تعبيراً عن حبنا للوطن والدولة، ورفضنا لأي فكر دخيل، أو دعوة للتغيير والإصلاح بطريقة غير حضارية..