اختبار يقود إلى التعلم

الطالب الجامعي يستذكر دروسه تحضيراً لاختبار فصلي، ولاحظت عليه انه يقوم بعملية حفظ

كان الطالب الجامعي يستذكر دروسه تحضيراً لاختبار فصلي، ولاحظت عليه انه يقوم بعملية حفظ بل ويطلب مني مساعدته في التسميع.

كان الموضوع عن الغزو الفكري وكان الطالب يحاول حفظ التعريف بالنص كما هو موجود في المذكرة، وقلت له: ألا تستطيع ان تعرف الغزو الفكري بنفسك؟ الا تعرف ما هو الغزو الفكري؟.

قال نعم، ولكن يجب الالتزام بالنص الموجود في المذكرة؟

وأبديت له استغرابي من هذه الطريقة في التعليم الجامعي الذي يفترض فيه ان يعود الطالب ويدربه على التفكير والتحليل، والاستقلالية في التعلم.

واذا كنا نتعامل مع الطالب الجامعي بهذا الاسلوب، وهو التقيد بالنصوص والحفظ، وتفريغ المادة المحفوظة المسجلة على ورق الاختبار، فهل أتحنا له الفرصة الحقيقية للتعلم؟ وما هي الفائدة من سؤال مباشر في الاختبار عن تعريف الغزو الفكري أو تعريف أي موضوع؟ لماذا لا اطلب من الطالب ان يبحث بنفسه وان يكتب بصياغته، وفكره عن هذا الموضوع أو غيره من الموضوعات؟ ان التعليم في العصر الحاضر هو التعليم الذي يساعد الطالب على كيفية التعلم، ويضعه في بيئة تحفزه على التأمل والبحث والتفكير وبناء شخصية مستقلة قادرة على ابداء رأي غير مقيد بنص في الكتاب المقرر.

التعليم الحديث هو التعليم الذي يركز على الطالب وليس على الكتاب أو على المعلم. والتركيز على الطالب يعني ان يكون هو محور العملية التعليمية.

وعندما يلجأ الطالب إلى الحفظ استعداداً للاختبار فلا اظن انه يستمتع بذلك أو يهوى القيام بهذه العادة، ولكنه مجبر عليها بسبب اسلوبنا في التعليم، وطريقتنا في الاختبار التي توجه لقياس قدرة الذاكرة وليس مستوى التعلم.

هذا النمط السائد من أساليب التعليم وطرق الاختبارات هو بلاشك امتداد لما قبله في المراحل الأولى من التعليم حيث لا يزال التعليم العام يركز على الكتاب، والاختبار، والأسئلة المباشرة التي تجبر الطالب على الحفظ وليس على التفكير.

ان ربط التعليم بقضايا الحياة، وترجمة ما يتعلمه الطالب إلى سلوك علمي وعملي يتطلب قبل تغيير وتطوير محتويات المقررات الدراسية إلى تغيير وتطوير طرق وأساليب التقييم، وتحويل اهتمامنا إلى شخصية الطالب بكافة جوانبها.

هذه النقلة التي يسعى اليها التربويون ويبحث فيها المختصون من اهم شروط تحققها تطوير قدرات المعلم، واعادة النظر في دوره في العملية التعليمية سواء في مستوى التعليم العام أو مستوى التعليم الجامعي.

يقول التربويون: اننا بحاجة من أجل التطوير إلى اختبار يقود إلى التعلم وليس إلى تعليم يقود إلى الاختبار.

ومن الواضح ان الطرق الحالية المستخدمة في اختباراتنا في المدارس والجامعات ليست هي الطرق التي تقود إلى التعلم بل إلى الحصول على درجة النجاح في الاختبار وهي درجة قد يصعب تفسيرها أو التنبؤ بتأثيرها في حياة الطالب العملية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات مشابهة

رحيل المحتل وشعب مثقل بسم الله الرحمن الرحيم ((و يمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين))رحل العام الهجري (1433) وقبل رحيله ترك لنا أملاً براق. أملاً أنتظرناه طويلاً بكل لهفة واشتياق .أملاً يشتاق اليه كل قلب حر تواق . يتوق لخروج المحتل من أرض العراق وذلك بعد أن عاث فساداً لسنين شداد لا تطاق. وواعد شعبها […]

بسم الله الرحمن الرحيم ( عـام التغير العربي 1432هـ) ((قل اللهم مالك الملك تؤتي الملك من تشاء وتنزع الملك ممن تشاء وتعز من تشاء وتذل من تشاء بيدك الخير إنك على كل شيء قدير)) تغير العام الهجري 1432هـ الذي غامر فغيرنا وغادر وتغير عنا بعد أن حط وهيمن على جميع إنحاء المعمورة لمدة أثنا عشر […]

﴿وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحاً وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ (33)﴾ (مرور عام 1431هـ الهجري) مر العام الهجري 1431هـ مروراً سريعاً رغم مرارته وكثيرة قساوته على معظم بني البشر تاركاً خلفه أرثاً ثقيلاً لمن يخلفه من الصراع والعداء وسفك الدماء مابين أبناء الأمم وبالأخص منها الأمة الإسلامية التي كانت لها الحظ الأوفر […]

بسم الله الرحمن الرحيم لاتظلمن أذا ماكنت مقتـدراً فالظلم مرتعه يفظي الى الندم تنام عينيك والمظلوم منتبـها  يدعوا عليك وعين الله لم تنم ودعنا عام 1430 الهجري الذي دعانا ودنا منا ثم دعنا و ودعنا ورحل عنا لا يجد مايحمله معه ألا كما حمله أقارنه البضعة أعوام الماضية في الألفية الثالثة سوى هموم جسام للعالم […]

السلام عليكم ورحمة الله وبركاتة بمناسبة رحيل عام الهجري 1429 وقدوم عام هجري أخر يهجرنا ويهاجر عنا فالنهجر المعاصي والنهاجر الى مرضاة الله —– أللهم يامن يسرت لحبيبك المصطفى الهجرة من مكة الى المدينة يسر لنا الهجرة من الذله الى العزة ومن الهزيمه الى النصر ومن الضعف الى القوة ومن التشتت الى الوحدة ومن الأنتقام […]

رغم كل المؤشرات التي كانت توحي بفوز جون كيري في الانتخابات الامريكية ومن اهمها حرب العراق، والبطالة، وارتفاع تكلفة الرعاية الصحية، والسياسة الخارجية ذات الطابع العسكري، وارتفاع اسعار الطاقة. رغم كل تلك المؤشرات إلى جانب الملاحظات المتعلقة بشخصية الرئيس وثقافته، وخبراته في السياسة الدولية. كل ذلك لم يؤد إلى خسارة جورج بوش الابن، فقد أعاد […]