الأب في الأدب
هناء حجازي
في رواية “كبرياء وتحامل” للكاتبة الانجليزية جين أوستن، يحضر الأب بينيت كما تهوى البنات أن يكون الأب. حنونا، محبا، هادئا، متفهما، يتحمل زوجة مزعجة وثرثارة من أجل كيان الأسرة. أب يربي ابنته على الكبرياء والأنفة. يعلمها أن التنازل عن الكرامة من شيم الضعفاء الذين تزدريهم النفس الأبية مهما بلغ شأنهم في الحياة.
وفي رواية البؤساء، للكاتب الفرنسي فيكتور هيجو، الأب جان فالجان هو أب بالتبني، لكنه يسخر حياته كلها لسعادة ابنته، ويجعل ذلك هدف حياته، من أجل هذا الهدف يعيش، يعوض بفرحها سنين البؤس والحرمان والتشرد التي عرفها في بداياته. وبالرغم من مغامرات هروبه من مفتش الشرطة الذي يصر على مطارته بالرغم من المكانة الاجتماعية التي وصل إليها، لكن ذلك لا ينسيه هدفه أبدا، وهو سعادة كوزيت وراحتها.
في قصة مدينتين للروائي الانجليزي تشارلز ديكنز، الأب الطبيب المرموق مانيت، الذي كان في السجن في فرنسا، يصنع الأحذية كي تلهيه عن فظاعات السجن، يصبح أبا حانيا، علاقته بابنته علاقة حب قوية حيث يسعى دوما لراحة ابنته وسعادتها وايضا يكرس حياته لهذا الهدف.
في رواية مالك الحزين لإبراهيم أصلان والتي صنع منها فيلم الكتكات، أحد أهم وأنجح الأفلام المصرية لم يكن الشيخ حسني في الرواية أبا ليوسف، لكنه تحول في الفيلم إلى أب له كضرورة سينمائية، العلاقة بين الابن وأبيه في الفيلم علاقة مذهلة، تقوم على إعجاب وتمرد وحب وتفهم وكل الالتباسات التي نشاهدها في الحياة بين أب وابنه، ينتصر الحب والتفهم في النهاية بينهما، كما نتمنى أن تنتصر هذه العلاقة بين الأب والابن في أرض الواقع.
بالانتقال الى السينما أتذكر أيضا فيلم كريمر ضد كريمر والدور الفذ الذي قام به دستان هوفمان كي يثبت انه قادر على رعاية ولده، وأنه أحق به من والدته التي تركتهما معا يخوضان تجربة العيش سويا وحدهما دونها. الحياة اليومية مع أب يبذل كل جهده بكل حب وتفان كي يتمكن من توفير كل ما يحتاج ابنه الطفل، فيلم خلاب يصور الأب في أروع أدواره.
في الفيلم المصري أم العروسة، الذي كتبه عبدالحميد جودة السحار، بالرغم من كوميدية الفيلم وبالرغم من عنوانه الذي يركز على الأم كبطلة أولى للعمل، لكني أتذكر دائما الأب عماد حمدي وهو يتحمل كل الأعباء المادية والنفسية التي يتطلبها تزويج ابنته. مخاطرته في النهاية بسمعته كي يوفر لابنته الفرح الذي سيظهرها أمام الناس في ابهى حلة وعلى أكمل وجه.
أذكر كل هذه النماذج كي أصل في النهاية لذكر الأب في روايتي امرأتان، ليس الأب المعنف القاسي والد ليلى، الذي طغى على صورة الأب المحب المتفهم الراقي الذي قام بتنشئة ابنته على مفهوم المساواة والحرية، والد مرام.
عرفت في حياتي الكثير الذين يشبهون هذا الأب، أكثر بكثير من الآباء قساة القلب.
تحية لكل الآباء الذين أعرفهم وهدفهم في الحياة سعادة الأبناء..