رملُ الإماراتِ قبلَ الناسِ قد جَزِعا
هذا الفراقُ الذي قد أيقَظَ الوَجَعا
لمّا خليفةُ قالوا قد مَضى فَكَبا
نخلٌ على العشبِ حتى كادَ أنْ يَقَعا
والحُزنُ كالبحرِ كادَ اليأْسُ يرفَعُهُ
لولا التّأَسّي بصبرٍ هاج واتَّسَعا
قد صارَ للرملِ حِسٌّ في تماسُكِهِ
كمْ لانَ حتّى غَدا في الحُبّ مُتّبِعا
يبكي خُطاهُ التي مرَّتْ عليه فتىً
وخطَّ فيه مِن الآثارِ ما ارتَفَعا
* * *مُستَعْصِمونَ إلهي أنتَ حافِظُنا
مِن هالةِ الرُزْءِ إنْ عاثتْ بنا طَمَعا
تَسْتَمطِرُ الدمعَ لا تَرضى بتعزيَةٍ
إذا «خليفةُ» مَن أبقى لنا الهَلَعا
مُستعصمونَ بصبرٍ ليس يحمِلُنا
لمّا رأى الهولَ مِن أطرافِهِ جُمِعا
كأنّما جاءَ مِن أقْصى البلادِ لنا
يَنوءُ بالحِمْلِ مُكتَظّاً ومُنْدَفِعا
يا مالِكَ اللُطفِ.. ربّي لو تُخَيّرُنا
ارْفِقْ بشعبٍ، أَزِلْ مِن قلبِهِ الفَزَعا
مرثيّةُ الدارِ هذي جِئتُ أنْفُثُها
حلّتْ على الصدر واختارَتْهُ مُنْتَجَعا
* * *أبي خليفةَ، هذا النعْيُ بَدَّدَنا
كأنّما الحُزنُ في أعماقِنا رَتَعا
كم سِرْتَ فينا لأمنٍ كنتَ تَنْشُدُهُ
حتى بلغْنا المَعالي والأمانَ مَعا
مددْتَ للشعبِ قلباً كي تُطَوِّقَنا
حبلاً مِن الطيبِ كالإيمانِ ما انقَطَعا
واخترْتَ ذا اليومَ بُعداً لستَ مُبدِعَهُ
قد ماجَ بالروحِ والأفراحِ واقْتَلَعا
لا تَرتَضينا بكاءً، نحنُ نعرِفُها
ذي عادةٌ فيكَ شَرعٌ منك قد شُرِعا
للموتِ عزمٌ وأنتَ الدارُ آمنةً
ومَنْ رآكَ حياةً غيرُ مَن سَمِعا
* * *ناعيكَ يا سيدي قد جاءَ مُلْتَحِفاً
بهِمّةِ الشعب لمّا بالأسى فُجِعا
فنحْمَدُ اللهَ، هذا الشعبُ طينَتُهُ
إذا أحبَّ ففي إخلاصِهِ صَدَعا
ونحمَدُ اللهَ، هذا الشعبُ إن جُمِعتْ
له المكارهُ ما أقْعى وما خُدِعا
ونحمدُ اللهَ أنّ الشعبَ مُحتَكِمٌ
لكلِّ عهدٍ إلى حُكّامِهِ قُطِعا
ونحمدُ اللهَ، هذا الشعبُ يسْكُنُهُ
حبُّ البلادِ ومِن تاريخِها رَضَعا
ونحمدُ اللهَ أنَّ الدارَ آمنةٌ
أنْفُ المهانةِ مِن قاموسِها جُدِعا
ونحمدُ اللهَ، هذا الشعبُ رايَتُهُ
بيضاءُ بالطُهْرِ عمَّا شابَها امْتَنَعا
ونحمدُ اللهَ فيما يَرْتَضيهِ لنا
ونسألُ الصبرَ إنَّ الصبرَ قد دَمَعا
ونحمدُ اللهَ، إنَّ اللهَ ألْهَمَنا
بالصبرِ حتى طَوَيْنا بعدَهُ الجَزَعا
وأَخْلَفَ الدارَ مَنْ طافَت أصابعُهُ
تُلمْلِمُ الشعبَ حتى صارَ مُدَّرِعا
وقالَ للشعبِ إنَّ الدارَ واحدةٌ
محمدُ الخيرِ فيهِ الوعدُ قد زُرِعا
أمانةُ الشعبِ في كفَّيْهِ راضيةٌ
أمناً من الخوفِ مُذْ داعي الوَلاءِ دعا
كأنّما الشعبُ والحُكّامُ إذ صمَدوا
كيما نرى الهمَّ فوقَ الدارِ قد قُشِعا
اللهُ اللهُ.. وارتَدَّتْ ودائعُهُ
أمْسى الإيابُ إلى الرحمنِ مُرْتَجَعا