جاء في جريدة الاقتصادية يوم الاحد 9شوال 1425هـ ان معالي وزير الصحة حذّر العاملين في قطاعات الوزارة المتهاونين في العمل مشيراً إلى أنه لاحظ خلال رمضان العديد من الموظفين نائمين في مكاتبهم والبعض يتأخرون.
وأشار الخبر أن وزير الصحة شدد ان هذا الوضع يتنافى مع أبجديات العمل، وان الدين الإسلامي يحثنا على العمل والجد وعدم الإهمال مهما كانت الأسباب والمبررات، وقال :إذا كان موظف الصحة نائماً في العمل فمن سينجز المعاملات وكيف سيصبح حال الموظفين خارج الوزارة من العاملين في المستشفيات والمراكز الصحية؟ وأخيراً نبه الوزير بضرورة عدم تكرار هذه الظاهرة في قطاعات الوزارة ملوحاً بمعاقبة المقصرين.
وأقول:
أولاً: إن هذه الظاهرة لا تختص بها وزارة الصحة فقط بل هي موجودة في كثير من الإدارات الحكومية، وفي كثير من الدول أيضاً!
ثانياً: ان التجربة الإدارية الطويلة تفيد أن معالجة هذه الظاهرة لا تتم بشكل جيد إذا اكتفينا بمعاقبة المقصرين إذ لابد من التفكير بحلول أخرى مثل المشاركة، والإثراء الوظيفي وتقييم الموظفين وفقاً لإنجازاتهم وليس وفقاً لساعات تواجدهم في المكاتب!!
ومن الملاحظ في مسيرة العمل الإداري الحكومي تركيز كثير من المديرين على دفتر توقيع الحضور والانصراف ومحاسبة الموظفين تبعاً لذلك! ولو فكرنا بتوزيع نموذج يومي على الموظف ليخبرنا عما قام به من مهام في يوم محدد فقد يتضح لنا ان بعض الموظفين يجب نقلهم الى مواقع أخرى تحتاج إليهم أو إعادة تدريبهم وتطوير قدراتهم لتكليفهم بمسؤوليات جديدة. ليس امامي دراسة علمية استند عليها الآن لأثبت ان معاقبة المقصرين في أداء المهام قد لا تؤدي الى نتيجة ايجابية فهي ترتبط بمكافأة المتميزين وترتبط بوضوح المسؤوليات وبنوع العلاقات العملية والإنسانية السائدة في بيئة العمل.. ولذلك أقول ان علينا دراسة بدائل وحلول جديدة في كيفية التعامل مع حالات تأخر وغياب وكسل بعض الموظفين مع الأخذ في الاعتبار ان لا يتجه تفكيرنا مباشرة نحو العقاب فهناك جوانب ايجابية في بيئة العمل يمكنها تحفيز الموظفين مثل الدوام المرن والمشاركة في اتخاذ القرارات، وتغيير العمل، والإثراء الوظيفي، والاهتمام بالجوانب الشخصية والإنسانية للموظف وإعطاء مسألة الرضا الوظيفي ما تستحقه من أهمية.
واذا كانت ظاهرة التأخر والكسل منتشرة في أكثر من جهاز فإنها بالتأكيد ستكون أكثر خطورة في قطاع بالغ الأهمية وهو قطاع الصحة، ولذلك فإن حديث معالي وزير الصحة يتضمن رسالة مهمة حين أشار الى حال الموظفين والعاملين خارج ديوان الوزارة الذين يتطلب عملهم السرعة والدقة، والتواجد، والإخلاص وجودة الأداء.
نحن نضع أيدينا بيد معالي الوزير ونبارك هذه الملاحظات الإدارية التي نأمل أن تفتح لنا آفاقاً جديدة في تطوير بيئة العمل وتحسين سلوكنا الإداري.