بيوت الشباب
هناء حجازي
أتابع في سناب شات عدداً من الرحالة الشباب. وسائل التواصل الاجتماعي عرفتني على الكثير مما يحدث في مجتمعاتنا وتحديدا عند الشباب منهم. لذلك مهما غضب منها البعض لا أستطيع أن أتخذ نفس الموقف منها. بالنسبة لي إيجابياتها الكثيرة تفوق سلبياتها التي يتحدث عنها البعض. هي تشبع عندي الرغبة في الاطلاع على ما يحدث أو كيف يفكر الشباب. هي النافذة الحقيقية على العالم لأنها تطلعك على ما يدور في حياتهم اليومية بدون تزييف حتى لو حاولوا.. في سناب شات تحديدا يصبح الشاب هو المعد والمخرج والمنفذ لبرنامج قصير يستغرق عدة ثوان ويتواصل ليصبح عدة دقائق.
بعد هذا الاستطراد في التغزل بوسائل التواصل الاجتماعي، وتحديدا السناب شات، أعود لحديثي عن الرحالة الشباب. منهم شاهدت وتعلمت الكثير. من أهم الأمور التي يكررونها هي كيفية السفر بميزانية صغيرة، وهي أكبر عائق للشاب كي يسافر. التوفير قدر الاستطاعة كي يتمكن من السفر قدر الاستطاعة. من أهم وسائل التوفير السكن، والكثير من هؤلاء الرحالة الشباب يسكنون في الهوستيلات ولم أجد تعريبا مقنعا في العربية لهذه الكلمة، لكن هي عبارة عن غرف مشتركة يسكن فيها العديد من الأشخاص بمبلغ معقول ورخيص. يشتركون في المطبخ وغرفة الاستراحة.
فكرة جميلة وعملية ومناسبة لميزانيات الشباب الذين يودون مشاهدة العالم لكن لا يملكون القدرة المادية لفعل ذلك إذا أرادوا السفر بالطريقة الباذخة المعتادة للسائح الخليجي.
ذكرني ذلك ببيوت الشباب التي كانت موجودة حتى الثمانينيات لدينا في السعودية والتي أنشأتها الرئاسة العامة لرعاية الشباب. كانت موجودة في جميع مدن المملكة تقريبا. كان الشباب يدفعون وهم في المدرسة مبلغا رمزيا 150 ريالا سنويا تقريبا ويحصلون على بطاقة عضوية تمكنهم من ارتياد هذه البيوت في أوقات فراغهم حيث يمارسون العديد من الرياضات مثل التنس والطائرة والسباحة. وبهذا المبلغ نفسه يتمكنون عند الانتقال من مدينة إلى أخرى استخدام هذه البيوت للمبيت، واستخدام نفس الخدمات. تخيلوا أن المراهقين كان باستطاعتهم الانتقال من مدينة إلى أخرى والمكوث عدة أيام بدون مقابل سوى مبالغ زهيدة للدفع لشراء المواد الغذائية التي توفرها أيضا تلك البيوت بأسعار رخيصة. كل ذلك يتم تحت إشراف عدد من الموظفين المؤهلين للتعامل مع هذه الفئة العمرية.
أعرف أنني أقول كلاما أقرب إلى الخيال. لكن الرجال الذين عرفوا هذه البيوت واستخدموها واستفادوا من خدماتها يمكنهم أن يؤكدوا كلامي.
نتعلم الجديد دائما في حياتنا، ونحاول دائما أن نطور من أنفسنا، أنا من الناس الذين يعشقون السفر، لو كنت في سن صغيرة ربما كنت جربت الهوستيلات. ربما كنت طالبت ببيوت شابات أسوة ببيوت الشباب لكنني في هذه السن أستمع إلى خبرات الشباب وأعجب بقدرتهم على إيجاد الحلول للسفر حول العالم. أهنئهم وأقدر تجاربهم وأتمنى أن يستفيد منها كل الشباب. كما استفاد في زمن مضى الشباب في بلادي من بيوت الشباب.