تقول وزارة الحج إنها سوف تستعين بخبراء أجانب في مجال ادارة الحشود ابتداءً من العام القادم وقد سبقني الأخ عبدالله بن بخيت في التعليق على هذا الخبر في مقالته بجريدة الجزيرة يوم السبت 1425/12/4هـ بعنوان “ادارة الحشود” واريد هنا ان أؤكد ما ذهب اليه الأخ عبدالله في ان وزارة الحج تمتلك الخبرة وتستطيع تسويقها إلى العالم، فكيف انتهت كل سنوات الخبرة في ادارة الحج إلى اللجوء إلى الاستعانة بالخبرات الأجنبية؟.
وأريد ان أضيف اليوم ملاحظات أخرى حول هذا الخبر، ونبدأ بمصطلح ادارة وفي ظني ان التنظيم هو فرع من فروع الادارة، والحج ليس مسألة حشود تحتاج إلى ادارة بل هو موسم تجتمع فيه الملايين من اجل هدف واحد وفي مكان واحد، وجميعهم يتطلعون إلى اداء فريضة الحج بيسر وسهولة وان تتوفر كافة الخدمات التي تحقق لهم ذلك.
انه موسم كبير ويحتاج إلى ادارة لا تقتصر على ادارة الحشود التي يمكن التعامل معها من خلال تنظيم عملي يفترض ان يأتي وليداً لسنوات طويلة من التجارب والخبرات التي مرت على وزارة الحج.
وهنا لابد ان نشير ان الخبرة لا تقاس بمدتها بل بتميزها ومدى تجددها، فإذا كان لدى الإنسان خبرة عشرين سنة في مجال معين تتكرر دون تجديد فإنها تصبح خبرة غير مؤثرة.
إن الحديث عن ادارة موسم الحج يقود إلى عنصر بالغ الأهمية في نجاح العملية الادارية وهو عنصر التنسيق، ويفترض ان وزارة الحج هي المعنية بهذا الموضوع لتحقيق التكامل والتناغم بين جهود كافة الأجهزة المشاركة بشكل مباشر أو غير مباشر في موسم الحج.
ولو رجعنا إلى ملفات الحج للاستفادة من التجارب الناجحة والفاشلة لتضح لنا ان التنسيق اذا كان ضعيفاً او اعترته بعض الثغرات فإنه يؤدي إلى حدوث مشكلات.
يضاف إلى ما سبق أهمية وضوح المرجعية الادارية وتأكيد مبدأ وحدة الأمر حتى لا تحدث ممارسات إدارية متناقضة اساسها حسن النية.
ولست هنا أقوم بدور إسداء النصائح إلى مقام وزارة الحج فهذه الوزارة لديها من الكفاءات والخبرات ما يؤهلها للقيام بمسؤولياتها العظيمة خير قيام وهذا لا يمنع من الاستعانة بالتجارب الناجحة في اي مكان، ولكن موسم الحج مجال الوزارة للتجربة والتطوير في مسألة التنظيم، ومن المهم لتعزيز ذلك اعداد برامج تدريبية لرفع مستوى التنظيم والأداء، وفي هذه الحالة فليس من المستبعد ان يلتحق متدربون من الخارج في هذه البرامج للاستفادة منها في تنظيم الحشود، وبهذا تصبح الوزارة هي مصدر المعرفة والخبرة التي يتطلع الآخرون إلى الاستفادة منها.
ان ادارة الحج هي تحد سنوي يتصدى له بكل اقتدار معظم الاجهزة الحكومية خاصة وزارة الحج ووزارة الداخلية ووزارة الصحة حيث تعمل بجهود متكاملة نحو هدف واحد وفي اطار تنظيمي تطور مع الزمن وسوف يتطور في المستقبل لتحقيق المزيد من التنسيق والفعالية.
وليس من المستبعد حدوث أخطاء بشرية نتيجة التعامل مع فئات من الناس تختلف في وعيها وثقافتها، ولكن الخبرة المتميزة هي التي تمنع تكرار الأخطاء وتستثمر التجارب السابقة من أجل وضع تنظيمي أفضل في المستقبل.