روبرت دوفال
هناء حجازي
ممثل غير عادي. هناك ممثلون في السينما العالمية عليهم أن يوضعوا كنموذج لدراسة الطريقة التي يعملون بها. روبرت دوفال أحدهم.
بما أن أغلب ما يشاهده العالم هو السينما الأميركية، علينا أن نختار ما نشاهد، لأن هناك الكثير من الغث، علينا أن نبحث عن السمين. وروبرت دوفال هو أحد الممثلين الذين يمكنك أن تختار ما يقرر أن يظهر فيه بثقة، لأنه ممثل مختلف.
علينا طبعاً أن نختار الأفلام التي نشاهدها من خلال صانعيها، المخرج أعني، لكن هناك ممثلين لا يخذلونك أبداً في اختياراتهم. وإذا لم يكن الفيلم جيداً بما يكفي، يكفيك أن تستمتع بمشاهدته وهو يمثل.
الغريب أن الفيلم الذي شاهدته له مؤخراً والذي صدر في 2015 بعنوان خيول برية كان من إخراجه. ليس الغريب أنه المخرج لأنه أخرج أفلاما قبل ذلك، الفيلم الذي أخرجه في العام 2002 assassination tango كان فيلما رائعاً، وإن لم أطلع على النقد الذي كتب عنه وقتها. الغريب أن أغلب النقد الذي كتب عن خيول برية كان يتحدث عن الفيلم بصفته غير مترابط. بالنسبة لي استمتعت كثيراً بالفيلم، وخرجت منه أشد إعجاباً بروبرت دوفال الممثل.
له طريقة جذابة جداً في تمثيل الرجل القوي الصارم الذي يتحكم في انفعالاته حتى في أشد المواقف التي يمكن أن تكسر الإنسان.
حاولت أن أجد شبيهاً له في السينما العربية حتى أقرب للذين لا يشاهدون السينما الأميركية ما أعني. ربما محمود المليجي، في أدواره القوية مثل دوره في فيلم الأرض هو الأقرب.
عمره الآن 86 عاماً، نال الأوسكار مرة واحدة، مثل 143 فيلمًا، أنتج 12 فيلماً، كتب 4 أفلام وأخرج 5 أفلام. ويقوم حالياً بالتمثيل في أحد الأفلام.
حين تشاهد دوفال يمثل، تنسى أنك تشاهد فيلمًا، يحول الشخصية التي يجسدها إلى حقيقة، تتفاعل معه، مع صمته، مع الطريقة التي يتحدث بها، مع لغة جسده، له طريقة بالغة الحس والأناقة.
مما يبعث على احترامه أكثر هو ابتعاده عن الصخب الهوليودي بالرغم من شهرته وشعبيته كممثل.
زوجته الممثلة الأرجنتينية التي شاركته بطولة الفيلم لوسيانا بدرازا، تحمل نفس الطريقة في الأناقة في التمثيل. بل وهي التي دلته على طريقة الجلوس في دوره في فيلم القاضي الذي رشح فيه لنيل جائزة الأوسكار كأحسن ممثل مساعد. قالت له ضع رجلاً على رجل واستعن بظهر الكرسي كي تجلس مستقيما، وهو يعتبر أن هذه النصيحة ساعدته للترشح للجائزة.
حتى لو كان يمزح أو يبالغ في التقدير، ما أردت الوصول إليه، أن ممثلاً بحجم روبرت دوفال، ما زال يستمع إلى النصائح التي تخص الطريقة التي يمثل بها. ربما هذا ما يوصل العظماء لأن يصبحوا عظماء. أنهم لا يترفعون عن الاستماع لكل ما يساعدهم لبلوغ مستوى أرفع.