في الوقت الذي يهب فيه العالم أجمع لنجدة وإغاثة المنكوبين في جنوب، وجنوب شرق آسيا نتيجة الدمار الهائل الذي خلّفه الزلزال القوي.. وحيث تتكاتف الجهود لإنقاذ أرواح وإسعاف المصابين نجد فئة من الإرهابيين وباسم الإسلام تزرع الموت والدمار داخل بلادنا المسلمة الآمنة.
فكر متطرف وقاتل يقود مجموعة من الشباب لتنفيذ أهداف متخبطة حيث تضرب مرة في المجمعات السكنية، وأخرى في المقرات الدبلوماسية الأجنبية، وثالثة حول المباني الرسمية مما يدل على عدم وضوح الأهداف، ويعكس الحيرة والقلق والارتباك الذي يسيطر على هؤلاء الإرهابيين.
وإذا كان رجال الأمن بإخلاصهم وتضحياتهم قادرين بإذن الله على ملاحقة الإرهابيين ومحاصرتهم والقضاء عليهم فإن الفكر الذي أوصلنا إلى هذه المحنة لابد أن يحاصر وأن يوقف.
إن القنوات التي تقود إلى الإصلاح كثيرة ومتنوعة، وليس من بينها على الإطلاق قتل الأبرياء، وترويع الناس وهدم الممتلكات.
وإذا كان العالم يهب بكل جنسياته ودياناته لنجدة آسيا المنكوبة بالزلزال، معبراً عن تضامن إنساني حيث يتجسد الحب والسلام، والتكافل، والتراحم، ووقفة الإنسان مع أخيه الإنسان فإن الإرهابيين يضعون الخطط والمؤامرات للقتل والتدمير، فهم يعملون ضد الحياة والسلام والأمن، ويزرعون الفرقة والتناحر، والكراهية، والحقد، ويقومون بكل الممارسات التي لا علاقة لها بالدين ولا بالمنطق.
هناك في جنوب آسيا يناضلون من أجل البقاء، من أجل الحياة، وهنا تريد مجموعة مغسولة العقول أن تقود المجتمع إلى الانتحار والجنون.
هناك ينقذون الأطفال وهنا يفجرون المساكن ويهدمونها على رؤوس ساكنيها بدون ذنب ارتكبوه.
إنه الفكر المتجذر، الذي أوجد له بيئة ينمو فيها في غفلة من الرقيب وفي غفلة من الجميع، حتى كبر وأصبح يهدد الجميع.
إنه الفكر الجبان، الذي يخشى الشمس ويلجأ إلى العنف لأنه يفتقد إلى الحجة بحكم كونه فكراً يخالف المنطق ولا يتفق مع الواقع.. إنه فكر يؤمن بالصراخ والإلغاء، والتصفية.. إنه فكر تكفيري مدمر يبرر بشاعة الوسيلة من أجل غاية أشد بشاعة!
إنه الفكر الذي يريد أن يخترع للأمة ديناً جديداً مقوماته القتل والإرهاب وتكفير كل من لا يسير في ركابه.
إنه الفكر الذي جند الملتزمين به للإساءة للإسلام حيث نقلوه من دين المحبة والسلام والتعاطف إلى فكر تسيطر عليه مشاعر الكراهية لكل إنسان خارج نطاق هذا الفكر الانتحاري.
إنه الفكر المعزول عن العالم، الفكر الذي لا يستمع، إلا إلى نفسه فهو وحده الذي يملك الحقيقة، وهو الذي يوزع شهادات الصلاح على أفراد المجتمع!!
إنه الفكر الذي يريد أن يحول عظمة الإسلام وشموليته، وان يحشره في زاوية واحدة فقط هي زاوية الجهاد.
وفي حين يجاهد المجتمع لمحاربة الجهل والفقر والمرض، ويسعى لتحقيق النمو التدريجي المتوازن، ويقيم مشاريع وبرامج التنمية والبناء، ويدعم برامج التعليم والتدريب وفرص العمل، فإن الفكر الإرابي يجاهد لحصد المزيد من أرواح الأبرياء وإشاعة الذعر بين نفوس الأطفال أجيال المستقبل الذين أصابتهم الحيرة والقلق، وسيطر عليهم رعب بحجم الأسئلة التي تدور في عقولهم وقلوبهم البريئة.
هناك جهود وجهاد من أجل البناء وهناك جهود وجهاد من أجل الفناء، وما أعظم الفرق بين الاثنين.