سانتا ايفيتا
هناء حجازي
رواية ساحرة كتبها الأرجنتيني توماس ايلوي مارتينث وترجمها للعربية المبدع دائما صالح علماني.
مارتينث كان صحفيا مشهورا في بوينس آيرس، عاش في فرنسا، فنزويلا واستقر أخيرا في الولايات المتحدة حيث عمل رئيسا للدراسات اللاتين أمريكية في جامعة في نيوجيرسي. لكن رواياته دائما تتحدث عن الأرجنتين.
كتب هذه الرواية في العام 1995، عن زوجة الدكتاتور خوان بيرون، التي شاركت زوجها الحياة السياسية والتي نالت احتراما وسخطا كبيرين في نفس الوقت.
وهذا سبب إعجابي الكبير بهذه الرواية، استطاع مارتينيث أن يكتب الشخصية كما رآها كل الناس، الذين قدسوها والذين رأوها مصطنعة وزائفة ومتسلقة إلى آخر الألقاب التي ألحقوها بها.
لكن إعجابي الحقيقي بالرواية يكمن في طريقة السرد الأخاذة التي تجعلك حائرا طوال الوقت هل الأحداث التي يحكيها الراوي حقيقية أم هي محض خيال.
لست وحدي التي سحرت بالكتاب، أكبر كتاب أمريكا اللاتينية كان لهم نفس الرأي. قال ماركيز عنه: «ها هو أخيرا الكتاب الذي أردت أن أقرأ». يوسا قال «رواية رائعة». فوينتس قال :» مبهرة، محفزة، معجزة». وقالت إيزابيل أليندي عنها إنها رواية خارقة عن الشغف والجنون كتبها كاتب مبدع.
يقول مارتينث عن الأسلوب الذي استخدمه في كتابة الرواية أنه عكس الطريقة التي استخدمها الصحفيان الأمريكيان توم وولف وترومان كابوتي اللذان يكتبان قصة واقعية بأسلوب الرواية. «أنا رويت قصة متخيلة بأسلوب صحفي، الوقائع الكبرى حقيقية، كثير من الناس يظنون أن المقابلات والوثائق التي وضعتها في الرواية حقيقية أيضا، بينما جميعها كانت من اختراعي»
هنا تكمن عبقرية الرواية، لا يمكنك أن تتخيل عقلا قادرا على خلق عالم متخيل وبأسلوب صحفي حقيقي، ويكون في النهاية مختلقا بالكامل.
لا يكتب مارتينث الرواية التاريخية كما عرفها الناس من كتاب سابقين، يعتمد في كتابته على عدد قليل من الشخصيات الحقيقية، والكثير من الخيال، يريد بذلك إدخال الشك في عقل قارئ التاريخ.
يقول مارتينث «أن تكتب رواية يعني أن تكون حرا، مع كل ما تجلبه الحرية من توتر».
يقول أيضا «الكتاب بنوا فكرة بلدي، الكتاب هو محور قصتنا الحقيقية وليس المعارك»
«إذا كان أولئك الذين يملكون السلطة لديهم القدرة على تخيل تاريخ كاذب، لماذا إذن لا يحاول الروائيون بخيالهم اكتشاف الحقيقة»
يؤمن مارتينث أن الأفلام والأدب لديهم القدرة على إغناء البشرية بشكل أفضل من التعليم البسيط المحدود.
ومن آرائه أيضا أن الكاتب الجيد لا يكتب لإرضاء مشاعر الناس.
حتى بعد أن كتب رواية عن بيرون لم يكن يعرف في أي خانة يضعه، هل هو بطل أم شرير، ويقول ربما هو الاثنان معا. ربما بنفس هذا الإحساس كتب رواية سانتا ايفيتا.
توفي مارتينث في عام 2010، أكتب عنه وكأنه لايزال موجودا، أكتب عن كل الكتاب العظماء بنفس الطريقة. إنهم لا يموتون.