ضيف فهد
هناء حجازي
هل تعرفون ضيف فهد. حين قرأت مجموعته القصصية الأخيرة «جدار على امتداد العالم» سألت نفسي هذا السؤال. هل يعرف الناس ضيف فهد. هل يعرفون القصص التي يكتبها؟
اخترت لكم هذه وهي بعنوان حركة..
«مرة طردني رجل من بيته لأنني هزمته في جولة شطرنج.. تماماً وببساطة ومباشرة بعد أن قلت له: كش ملك محكمة ولم يمتلك أمامها أي تصرف. قال لي بهذه الطريقة: اخرج من بيتي.. متبوعة بإشارة من إصبعه باتجاه الباب. لم أمتلك أمام حزمه سوى الخروج.. وفي الشارع.. كنت أفكر: ماذا لو غيرت بعض الخطوات حتى لا نصل إلى هذه الخسارة.. المحزن في الأمر أننا كنا بصدد تكوين صداقة متينة، لكنه لم يكن يتقبل الهزيمة بأي شكل من الأشكال».
كمية المشاعر والأفكار التي خلفتها داخلي هذه القصة بعد قراءتها هي التي دعتني كي أنقلها هنا، وهي مجرد مثل، فكل القصص التي تضمنتها المجموعة تترك وراءها هذا الذهول والتحفيز على التفكير، التفكير ببساطة وبجرأة معاً، بمعنى أن قصصه من النوع الذي يجعلك تقف قليلاً، تهمس لنفسك، ماذا لو، أو كيف لو، أو يا إلهي، من أين يأتي هذا المجنون بهذه الأفكار. كل ذلك كان مصحوباً بابتسامة ورغبة في تهنئته على عبقريته في الكتابة لا تتأتى لأي شخص.
يقول عنه الناقد والكاتب سعيد الأحمد: إن ضيف باستطاعته الدخول إلى بيت نملة كي يخرج منها نصاً، إنه يذكره بثيلا وأحيانا بغاليانو. وأضيف أنا أنه يذكرني ببورخيس.
ليست هذه مبالغة، اقرؤوا قصص ضيف فهد وستفهمون أن هذا التشبيه ليس مبالغة.
ضيف قارئٌ غير عادي، من هنا أصبح كاتباً غير عادي. له ذائقة حادة وصارمة، يمكنه أن يكون شرساً في التعبير عن رأيه الشخصي في كتابة ما، هذه الحدة والصرامة تجعل من يعرفه يهتم لرأيه ويقدره إلى أبعد حد، لأنك تعرف أن ضيفاً يمكنه أن يجاملك في أي أمر من الأمور، وإلى أبعد حدود المجاملة، إلا الكتابة. هذا الأمر خط أحمر بالنسبة له، وهذا بالذات في رأيي هو ما أوصله لهذا المستوى في الكتابة، إنه لا يجامل، بالأخص لا يجامل نفسه في ما يكتب.
الخجل والغيرة والقسوة الذاتية، هذه هي صفات الكاتب الجيد، في رأي ضيف.
أن تخجل من نفسك إذا قدمت شيئاً أقل من المستوى، أن تغار من الكتاب الجيدين وتحاول أن ترقى لتصل إلى مستواهم، وأن تقسو على نفسك بعدم القبول بأي تسوية مع نفسك فيما تكتب. هذه هي الصفات التي يتحلى بها ضيف فهد، الكاتب الذي أذهلني بقصصه.
حيرة، قصة لضيف فهد
تصدم سمكة الزينة زجاج الحوض. تصدمه بوجهها مباشرة. عشرات المرات، هو كل ما تفعله طوال اليوم. تدور حتى يخف الألم. وتعود لتصدمه من جديد، غير مصدقة أن قشرة رقيقة مثل هذه هي كل ما يفصلها عن العالم.