عبدالحسين عبدالرضا
هناء حجازي
بوفاته، فقدنا أهم ممثل كوميدي خليجي. تاريخ حافل بالأعمال المهمة، لا يمكن إلقاء الضوء عليها جميعها، لذلك أختار أن اتحدث عن بعضها، ليس لأنها الأهم، ولكن لذائقتي الشخصية، ولأنها بشكل ما ساهمت في صياغة هذه الذائقة.
عبدالحسين عبدالرضا، كان فنانا بارعا وشاملا، الأوبريتات التي قدمها مع سعاد العبدالله في السبعينات، كانت عملا متكاملا، أداؤه الغنائي والتمثيلي فيها لا يضاهى، عمل يظهر إلى أي مدى وصل تطور الفن في الكويت في فترة السبعينات. أعمال ليست فقط رائعة وخالدة، ولكنها أيضا ليس لها مثيل، ولم ينجح أحد في عمل شيء مماثل بعدها.
في مسلسل درب الزلق، هذا المسلسل العلامة، الذي يمكنك أن تشاهده الآن، وتعتقد انك تشاهد عملا صور بالأمس، بل هو متقدم على معظم الأعمال الكوميدية التي تقدم اليوم، إذا لم نقل كلها. في هذا المسلسل العجيب، الذي أنتج ايضا في السبعينات قدم لنا عبدالحسين عبدالرضا كما ظل راسخا في أدمغتنا، ممثلا عبقريا، كوميديا حتى النخاع، بدون فلسفة، أو ادعاء أو مبالغة في الأداء. بساطة أدائه كانت دائما سر تعلقنا به، لم يحرص على الظهور بمظهر البطل المثالي فتى الشاشة الطيب الذي لا يقهره أحد، يتضح ذلك منذ البداية كدوره في درب الزلق، الأخ المشاغب والمتهور والغبي أحيانا، والبارع دائما في شدنا إلى شاشة التلفزيون.
في دوره في مسرحية على هامان يا فرعون قدم أحد أهم أدواره وبمشاركة البطولة مع العملاق سعد الفرج قدم الاثنان عملا مذهلا، وناجحا على جميع المستويات.
في هذه المسرحية أيضا يظهر بمظهر الإنسان البسيط، المغلوب على أمره بسبب الحب، لكنه بموهبته الفذة يحول ذلك إلى سلسلة متصلة من الضحك المستند على كوميديا الموقف.
وآخر الأعمال التي أريد التحدث عنها والتي لابد ان يكون القارئ قد خمنها هي مسرحية باي باي لندن. هذه المسرحية التي “كسرت الدنيا” كما يقول المصريون، لم يبق بيت في السعودية لم يشاهدها ويعيد مشاهدتها مرارا وتكرارا على أشرطة الفيديو في ذلك الوقت. مقاطع كاملة كنا نحفظها ونكررها من تلك المسرحية. وأيضا ظهر في تلك المسرحية في دور رجل الأعمال الكبير في السن والذي يذهب إلى لندن هاربا من زوجتة
، كانت مسرحية مليئة بالنقد للمارسات غير الأخلاقية التي يقوم بها الخليجيون في لندن، لذلك لاقت نجاحا باهرا.
بالنسبة لنا نحن في الحجاز، كان الفن المصري الأقرب إلينا، لكن الكويتيين، وعبدالحسين عبدالرضا، نجحوا في التمكن من الوصول إلينا، فهمنا كلامهم، عشقنا فنهم، رددنا أغانيهم، وأحببنا فنانيهم، أحببنا عبدالحسين عبدالرضا، وشعرنا كم هو يشبهنا، يشبه عفويتنا، بساطتنا، فقرنا حين كنا فقراء، وحيرتنا حين تدفقت الأموال.
أعرف أن هناك أعمالا عظيمة أخرى قدمها عبدالحسين عبدالرضا، وربما أكثر اهمية مما ذكرت، لكنها كانت تحية وداع.. فقط