قبل سنوات، كان في هذه الجريدة زاوية اسمها غرابيل، يحررها نخبة من الكتاب والزملاء.. منهم من رحل إلى مواقع أخرى ومنهم من بقي إلى أن يشاء الله.
وكم كنت سعيداً أن أكون أحدهم منذ أن ولاني رئيس التحرير إدارة مكتب «الريـاض» بباريس..
أذكر أنه تم تعيين الدكتور الربيعة مديراً للشؤون الصحية بحائل، وقرر يومها أن يكون لكل مواطن ملف صحي، ونشرت هذه الجريدة خبراً مثل غيرها من جرائدنا عن الإقبال الكبير من جانب البدو على هذه العملية، كانت باريس وفرنسا في تلك الفترة تعيش حمي الانتخابات الرئاسية والتشريعية والبلدية.
رأيت في إقبال البدو في منطقة حائل على التسجيل في ملفات صحية عملاً حضارياً لا يقل عن إقبال الفرنسيين على الانتخابات، بل إن الفارق ضئيل جداً، وكتبت في تلك الزاوية مقالاً بعنوان «بدو حائل» لا زلت أحتفظ به لأسباب عديدة.
لعل أهم هذه الأسباب هو تلك المكالمة التي تلقيتها من «أبي عماد» أعني معالي الشيخ جميل الحجيلان، الذي كان لحظتها سفيراً للمملكة في فرنسا وعميداً فيما بعد للسلك الدبلوماسي العربي.
هنأني على ما في تلك المقالة من حرية ومن آمال وأحلام.. وعلى ذلك الربط بين بدو حائل وإحدى معاقل الديمقراطية في العالم.
أعرف أنه سعيد الآن وهو يشهد على أن ذلك الحلم قد بدأ يتحقق، وأن البدو والحضر والأرياف في بلادنا يدخلون تاريخ المواطنة الحقة حتى وإن كان الباب نصف مفتوح.. لكنه يسمح بدخول الجميع، ليس من أجل ملف صحي فقط، ولكن من أجل مشاركة فعلية وآنية في اختيار حاضرهم ومستقبلهم وماضيهم بالتأكيد.
آه لو أن أحمد السباعي حيٌّ يرزق، هو الذي كتب «دعونا نمشي»، آه لو أن العشرات بل المئات من مثقفي بلادنا الذين قضوا حياتهم في الدعوة إلى هذه الانتخابات يرون ما نرى، لصرخوا بأعلى أصواتهم «عليكم بالانتخابات»، عليكم بالانتخابات، عليكم بالانتخابات.