ميثم راضي

تفاصيل صغيرة
ميثم راضي

هناء حجازي
تحاول الكلام

مثل طفل لم يعرف نارا أكبر من عود ثقاب

وعليه الآن

أن يصف غابة كاملة تحترق

هكذا يبدأ ميثم راضي الشاعر العراقي ديوانه كلمات رديئة. كأنه يعرف أن هذا سيكون شعور من يحاول أن يصف ديوانه هذا.

مر زمن منذ آخر مرة قرأت فيها شعرا كهذا، مر زمن منذ آخر مرة أدهشني فيها شعر إلى هذا الحد.

ولأنني عاجزة عن وصف كيف يكتب أو لماذا أنا منبهرة إلى هذا الحد، سأعوض ذلك بأن أنقل بعض ومضاته المذهلة

يقول ميثم

كان جدي يجفف السنوات السعيدة..

ليستخدمها في غير مواسمها

يكتب ميثم بوجع تكاد تشعر به يتسرب إلى أعماقك بطريقة مباغتة، دون أن تشعر أنه يكتب بوجع أو أن هذا الوجع يتسرب إلى أعماقك، لكنك تعرف منه أوجاع الحرب، الحرب التي يعيشها الإنسان كل يوم، تغير حياته، مفرداته، رؤيته للعالم، لأنه ينام على وقعها ويصحو ويغسل وجهه من مائها. كيف يمكن أن تكتب حربا تلمسها كل يوم كما تلمس جلدك. بدون أن تصرخ بدون أن تبكي بدون أن تشد شعرك في وجه العالم المجنون الذي يسكت عن حرب كهذه، لا يمكنك سوى أن تكتب الجنون، ترتبه وتحوله إلى أحرف، تماما كما يفعل ميثم. يكتب عن الأطفال الذين تتحول السنين عندهم إلى عدد ثقوب جزمات الجنود الذين يذهبون إلى حرب جديدة. والذين لا يعرفون كيف يعدون أكثر من خمسة لأن آباءهم بذراع واحدة.

«في جنازة الولد الصغير

قلنا: ماهذا الريش؟

رفع أبوه رأسه ومد يده في الهواء

التقط واحدة ثم صاح: إنها كلمة حمامة التي تعلم نطقها منذ يومين

نسينا أن نخرجها من فمه»

يكتب عن التاريخ بصيغته الأنثوية.

عن الحب والغزل في الأيام المستحيلة، «تذكري أن عشاقك كانوا مثل الورد البري يطلعون من شقوق النصوص التي تدعو للقتال، تدوسهم الجيوش فتتعطر الهزيمة».

هذا النص المعجز الذي عنونه خيط طبي، وكتبه في سطرين، كيف يمكن وصفه، لا يمكن سوى أن تكتبه كي يقرأه الناس ويشعرون معك بما شعرت به وأنت تقرأه:

عندما كانت الشوارع جروحا

كان العشاق على جوانبها: يعبرون نحو بعضهم البعض.. مثل الغرز

أختم بقصيدة أخرى. لأنه من العبث أن أستمر في محاولة وصف ما يكتب ميثم راضي. عليك أن تقرأه بعيون مفتوحة، ويدك على قلبك بشدة، لأنه سيحاول الفرار، من الألم، والدهشة، والانبهار وأشياء أخرى كثيرة تسببها الحرب ويعرف ميثم كيف يقول لك انظر ماذا تفعل الحرب في يومياتنا

« الوقوف كأب

أيها الملاك المسؤول عن توزيع المفاصل

امنح للفتاة التي سيكتب لها أن تكون أرملة: ركبة أب»

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات مشابهة

رحيل المحتل وشعب مثقل بسم الله الرحمن الرحيم ((و يمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين))رحل العام الهجري (1433) وقبل رحيله ترك لنا أملاً براق. أملاً أنتظرناه طويلاً بكل لهفة واشتياق .أملاً يشتاق اليه كل قلب حر تواق . يتوق لخروج المحتل من أرض العراق وذلك بعد أن عاث فساداً لسنين شداد لا تطاق. وواعد شعبها […]

بسم الله الرحمن الرحيم ( عـام التغير العربي 1432هـ) ((قل اللهم مالك الملك تؤتي الملك من تشاء وتنزع الملك ممن تشاء وتعز من تشاء وتذل من تشاء بيدك الخير إنك على كل شيء قدير)) تغير العام الهجري 1432هـ الذي غامر فغيرنا وغادر وتغير عنا بعد أن حط وهيمن على جميع إنحاء المعمورة لمدة أثنا عشر […]

﴿وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحاً وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ (33)﴾ (مرور عام 1431هـ الهجري) مر العام الهجري 1431هـ مروراً سريعاً رغم مرارته وكثيرة قساوته على معظم بني البشر تاركاً خلفه أرثاً ثقيلاً لمن يخلفه من الصراع والعداء وسفك الدماء مابين أبناء الأمم وبالأخص منها الأمة الإسلامية التي كانت لها الحظ الأوفر […]

بسم الله الرحمن الرحيم لاتظلمن أذا ماكنت مقتـدراً فالظلم مرتعه يفظي الى الندم تنام عينيك والمظلوم منتبـها  يدعوا عليك وعين الله لم تنم ودعنا عام 1430 الهجري الذي دعانا ودنا منا ثم دعنا و ودعنا ورحل عنا لا يجد مايحمله معه ألا كما حمله أقارنه البضعة أعوام الماضية في الألفية الثالثة سوى هموم جسام للعالم […]

السلام عليكم ورحمة الله وبركاتة بمناسبة رحيل عام الهجري 1429 وقدوم عام هجري أخر يهجرنا ويهاجر عنا فالنهجر المعاصي والنهاجر الى مرضاة الله —– أللهم يامن يسرت لحبيبك المصطفى الهجرة من مكة الى المدينة يسر لنا الهجرة من الذله الى العزة ومن الهزيمه الى النصر ومن الضعف الى القوة ومن التشتت الى الوحدة ومن الأنتقام […]

رغم كل المؤشرات التي كانت توحي بفوز جون كيري في الانتخابات الامريكية ومن اهمها حرب العراق، والبطالة، وارتفاع تكلفة الرعاية الصحية، والسياسة الخارجية ذات الطابع العسكري، وارتفاع اسعار الطاقة. رغم كل تلك المؤشرات إلى جانب الملاحظات المتعلقة بشخصية الرئيس وثقافته، وخبراته في السياسة الدولية. كل ذلك لم يؤد إلى خسارة جورج بوش الابن، فقد أعاد […]