هل كان توقيع ياسر عرفات – لو تم – على اتفاقية السلام التي أشرف عليها بشكل مباشر الرئيس الأمريكي بيل كلينتون في كامب ديفيد.. هل كان سيعجل بقيام الدولة الفلسطينية؟
ولكن ياسر عرفات رفض التوقيع بسبب تمسكه بحق العودة، وبالقدس وكانت النتيجة تخلي أمريكا عن ياسر عرفات وقيام إسرائيل بإكمال المهمة!
الآن تحاول اوروبا أن تثبت أنها موجودة ومؤثرة، وتعلن على لسان الممثل الأعلى للسياسة الخارجية للاتحاد الاوروبي خافيير سولانا بان اوروبا ستعمل من أجل قيام الدولة الفلسطينية، وان اوروبا ملتزمة بهذا الهدف.
ماذا سيفعل الاتحاد الأوروبي؟ وماهي تصوراته للدولة الفلسطينية وحدودها..؟ وماهي توجهاته بالنسبة لحق العودة، وماهي رؤيته لوضع القدس؟ وهل سيعمل الاتحاد الأوروبي بمعزل عن امريكا؟ واذا كان سوف ينسق مع الادارة الأمريكية فكيف يستطيع المساهمة في ايجاد حل عادل دون مؤثرات امريكية، وكيف ستقوم دولة فلسطينية مع وجود المستوطنات، بل كيف ستقوم هذه الدولة امام وجود ثلاث لاءات اسرائيلية وهي:
لا عودة للاجئين ابدا.
لا تسريع في اقامة الدولة الفلسطينية.
لا عودة إلى حدود 1967م.
فماذا ستفعل اوروبا إزاء هذه المعضلة؟
كيف ستقوم الدولة الفلسطينية واسرائيل تضع العقبات والعراقيل، حيث تقوم الى جانب بناء المستوطنات بشق الطرق الالتفافية، وتهويد القدس، والسيطرة على مصادر المياه الجوفية، وخرق القوانين الدولية، ثم تحصل مقابل تلك الممارسات التي تتعارض مع مشروع السلام على جائزة تقديرية تسمى “الفيتو” لحمايتها من غضب المجتمع الدولي؟.
هناك فرصة لدور أوروبي يتمثل كما أراه في فهم الموقف الواقعي والقيام بدور حيادي لتوضيح الصوت للعالم أجمع ليشكل ذلك ورقة ضغط على أمريكا لوضع خطة سلام حقيقية عادلة وشاملة وملزمة، وليس خريطة طريق تفشل قبل أن تبدأ!
نتمنى أن لا يكون تصريح سولانا هو مجرد فورة عاطفية لمواساة الشعب الفلسطيني نتيجة المرض الذي ألمّ بعرفات.
هذه العواطف ليس لها أي تأثير في عالم السياسة لأنها لن تغير اي شيء على الوضع القائم على الأرض ولن تجعل اسرائيل تتراجع عن لاءاتها والتي ستضيف اليها فيما يبدو “لا” جديدة هي لا لدفن ياسر عرفات في القدس. فكيف توصف هذه الدولة بأنها دولة سلام، وأنها دولة ديموقراطية وان رئيس وزرائها رجل سلام وهو لا يزال يواصل حلقات المسلسل الدموي بحلقة جديدة سماها : “أيام الندم”.
وبالمناسبة فقد سبق لأوروبا أن طالبت اسرائيل بإنهاء عملياتها العسكرية المسماة “أيام الندم” وحتى لا تغضب اسرائيل فان بيان الوزراء الاوروبيين أقر بحق اسرائيل في الدفاع عن النفس وانتقد على استحياء المبالغة في رد الفعل من قبل الجانب الاسرائيلي رداً على الهجمات الصاروخية.
وفي أحد اجتماعاته ناقش الاتحاد الأوروبي احتمالية أن خطة انسحاب اسرائيل الاحادي من قطاع غزة ستحول دون قيام دولة فلسطينية إلى أجل غير مسمى كما صرح بذلك أحد مساعدي شارون، ولهذا فإن اوروبا تتمسك بخارطة الطريق ولكنها حتى الآن لم تقم بدور مؤثر، ولم تتمكن من إيقاف ايام الندم.
ويبدو أن أيام الندم سوف تتراكم اذا لم تفعّل عملية السلام ويتوفر الراعي المحايد لهذه العملية وبقيت اوروبا تتحدث دون تأثير.