إدارة عموم الزير

يعرف المهتمون بقضايا الإدارة على الأرجح قصة إدارة عموم الزير. ذلك الزير الذي وضع في الحي ليشرب منه الناس ثم تحوّل خطوة خطوة وبطريقة بيروقراطية إلى جهاز بيروقراطي يحتاج إلى إدارة، ومحاسبة، وسكرتارية، وعلاقات عامة وغير ذلك. تحوّل ذلك الزير من إناء يقدم الخدمة إلى جهاز يطلب الخدمة.

وهذا هو حال بعض الأجهزة الإدارية التي بدأت صغيرة ذات اختصاص واضح ومحدد ثم كبرت، وتحولت إلى جهاز ضخم بميزانية ضخمة وأعداد كبيرة من الموظفين ومطبوعات إعلامية، وندوات، وسكن وهيلمة، ولكن الناتج الفعلي غير واضح!

ومن الملاحظ أن بعض الأجهزة والمؤسسات تعمل منغلقة على نفسها، وتعمل وفق وتيرة لا تتغير ولا تخضع للتقييم، فقد أصبح الكل مشغولاً بساعات العمل ومواعيد الاجتماعات، ولم يتوقف أحد ليسأل: ماذا نفعل؟ وأين الناتج؟ وما هو مردود ما نقوم به وآثاره على المجتمع؟ هل هناك من يحس بإنتاجنا؟ هل لدينا إنتاج يستحق أن يشار إليه؟

ويمكن أن تستمر الأسئلة إلى أن تصل إلى سؤال أكبر وهو مدى الحاجة إلى وجود بعض الأجهزة، وجدوى استمرارها؟ وخاصة تلك الأجهزة والمؤسسات التي تحمل أسماء مبهمة وعمومية وغير قابلة للتقييم والمتابعة.

وتلجأ هذه الأجهزة والمؤسسات إلى الإحصائيات،

وتستخدم الأسلوب الكمي دلالة على وجودها وتفوقها فتعلن الأرقام التي وصلت إليها في إنتاجها وكأن الناحية الكمية هي المعيار الوحيد لقياس النجاح.

الحال ينطبق على بعض الإدارات الموجودة داخل التنظيم، حين تتحول هذه الإدارات التي قد تكون نشأت لأسباب لا علاقة لها بالتنظيم – إلى دولة داخل الدولة، وتصبح إدارة كثيرة الطلبات قليلة الإنتاج كثيرة الموظفين، ولا أحد يعرف ما هي مهامها، وهل لوجودها أي مبرر!

وهنا نتذكر اللجنة الوزارية للتنظيم ونذكرها أن المراجعة الشاملة للتنظيم قد تكشف عن وجود أجهزة أو مؤسسات أو صناديق أُنشئت في وقت توفرت فيه مبررات تنظيمية لإنشائها والآن لم تعد هذه المبررات قائمة، فليس من العيب أن نقرر إلغاءها أو دمجها أو إعادة تشكيلها بما يتفق مع الدور الذي تقوم به.

إن الكفاءة الإدارية التي تستهدفها برامج التطوير الإداري لا تتحقق بمجرد إنشاء إدارة أو إنشاء جهاز، وإنما تتحقق بوضوح الأهداف، وإمكانية تقييم النتائج، وبالديناميكية وسرعة التكيف للمتغيرات العلمية والثقافية والتقنية، والاحتياجات الاجتماعية، وهذا يتطلب العمل بصفة مستمرة على مراجعة وتحديث الهياكل الإدارية كونها تمثل أحد الأرقام المهمة في معادلة التطوير الإداري.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات مشابهة

رحيل المحتل وشعب مثقل بسم الله الرحمن الرحيم ((و يمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين))رحل العام الهجري (1433) وقبل رحيله ترك لنا أملاً براق. أملاً أنتظرناه طويلاً بكل لهفة واشتياق .أملاً يشتاق اليه كل قلب حر تواق . يتوق لخروج المحتل من أرض العراق وذلك بعد أن عاث فساداً لسنين شداد لا تطاق. وواعد شعبها […]

بسم الله الرحمن الرحيم ( عـام التغير العربي 1432هـ) ((قل اللهم مالك الملك تؤتي الملك من تشاء وتنزع الملك ممن تشاء وتعز من تشاء وتذل من تشاء بيدك الخير إنك على كل شيء قدير)) تغير العام الهجري 1432هـ الذي غامر فغيرنا وغادر وتغير عنا بعد أن حط وهيمن على جميع إنحاء المعمورة لمدة أثنا عشر […]

﴿وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحاً وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ (33)﴾ (مرور عام 1431هـ الهجري) مر العام الهجري 1431هـ مروراً سريعاً رغم مرارته وكثيرة قساوته على معظم بني البشر تاركاً خلفه أرثاً ثقيلاً لمن يخلفه من الصراع والعداء وسفك الدماء مابين أبناء الأمم وبالأخص منها الأمة الإسلامية التي كانت لها الحظ الأوفر […]

بسم الله الرحمن الرحيم لاتظلمن أذا ماكنت مقتـدراً فالظلم مرتعه يفظي الى الندم تنام عينيك والمظلوم منتبـها  يدعوا عليك وعين الله لم تنم ودعنا عام 1430 الهجري الذي دعانا ودنا منا ثم دعنا و ودعنا ورحل عنا لا يجد مايحمله معه ألا كما حمله أقارنه البضعة أعوام الماضية في الألفية الثالثة سوى هموم جسام للعالم […]

السلام عليكم ورحمة الله وبركاتة بمناسبة رحيل عام الهجري 1429 وقدوم عام هجري أخر يهجرنا ويهاجر عنا فالنهجر المعاصي والنهاجر الى مرضاة الله —– أللهم يامن يسرت لحبيبك المصطفى الهجرة من مكة الى المدينة يسر لنا الهجرة من الذله الى العزة ومن الهزيمه الى النصر ومن الضعف الى القوة ومن التشتت الى الوحدة ومن الأنتقام […]

رغم كل المؤشرات التي كانت توحي بفوز جون كيري في الانتخابات الامريكية ومن اهمها حرب العراق، والبطالة، وارتفاع تكلفة الرعاية الصحية، والسياسة الخارجية ذات الطابع العسكري، وارتفاع اسعار الطاقة. رغم كل تلك المؤشرات إلى جانب الملاحظات المتعلقة بشخصية الرئيس وثقافته، وخبراته في السياسة الدولية. كل ذلك لم يؤد إلى خسارة جورج بوش الابن، فقد أعاد […]