نعم كان د. إبراهيم الدريس أخاً عزيزاً وصديقاً حميماً للجميع في وزارة التربية والتعليم، وكان آخر مسؤولية يقوم بها هي الأمانة العامة للجنة العليا لسياسة التعليم، وكان من أبرز انجازات الفقيد في هذه المرحلة الأخيرة من حياته العملية استكمال الحيثيات لإصدار نظام التعليم الالزامي.
ولست هنا بصدد الحديث عن العمل، فهذا حديث يطول، ولكنني أريد أن أؤكد على ما جاء في بيان الوزارة من عبارات وكلمات في عزاء هذا الفقيد الغالي. فقد كان فعلاً هو الأخ العزيز والصديق الحميم، وعندما علمت بالهاتف عن وفاته تأثرت كثيراً، ولكني عندما قرأت بيان وزارة التربية والتعليم تأثرت أكثر، فهذا البيان لم يكن تقليدياً بل كان يفيض بالحب والعاطفة الصادقة، والتقدير لرجل يستحق التقدير.
ومنذ قرأت بيان الوزارة أدركت أن من يقف خلف صياغته هو معالي الوزير د. محمد بن أحمد الرشيد الذي يحرص على بناء الجسور الإنسانية ويعطي للعلاقات الإنسانية ما تستحقها من رعاية واهتمام، ويتواصل مع الجميع في الأفراح والأتراح.
وإلى جانب ما يحمله بيان الوزارة من تعاطف، ونبرة حزن فإنه أشار إلى ناحية مهمة وهي أن الدكتور إبراهيم الدريس كان أحد قيادات الوزارة الذين أسهموا في خدمة التربية والتعليم في المملكة.
ويا لها من خدمة جليلة، فالتربية والتعليم ميدان خصب ورحب لخدمة المجتمع، ومن أهم الصفات المطلوبة لمن يريد العمل في هذا المجال القدرة على الصبر، والتحمل، والعمل الجماعي، وبناء الخطط، والتواصل مع الميدان، وامتلاك الرؤية التربوية الواضحة.
د. إبرايم الدريس كان أحد المؤهلين علمياً وأخلاقياً للعمل في ميدان التربية والتعليم وأسهم فعلاً في المسيرة والتطوير.
وقد عملت شخصياً مع الفقيد بشكل مباشر فوجدته يتسم بالصدق والاخلاص في العمل، والالتزام بالمواعيد، والدقة، والوضوح.
وفي العمل الجماعي كان عضواً فاعلاً ومؤثراً بمعلوماته الموثقة وبآرائه المتزنة، وبصراحته الوردية إن صح التعبير فهي صراحة توصل الرسالة المقصودة ولكنها لا تخدش ولا تسيء لأحد، وقد يكون على علاقة وصداقة معك ولكن هذا لا يمنعه من ابداء الرأي الموضوعي في عملك.
أما روحه المرحة فكان لها تأثيرها الايجابي في تخفيف ضغط العمل، وتنمية العلاقات وإشاعة جو نفسي يشجع على المشاركة وتقبل اختلاف الآراء.
ومن أبرز ما ميز المسيرة العملية للدكتور الدريس – رحمه الله – أنه عمل بصمت ولم يكن يسعى إلى الأضواء وقد كان يستحق التقدير نظير خدماته الطويلة المتميزة، وأخلاقه العالية التي ستجعله ذكرى جميلة باقية في عقول وقلوب محبيه وهم كثر.
رحم الله الفقيد وألهم ذويه الصبر والسلوان،
{إنا لله وإنا إليه راجعون}.